الشفق القطبي.. ظاهرة طبيعية يدفع البعض حياتهم ثمنا لمشاهدتها في النرويج
ظاهرة طبيعية يدفع البعض حياتهم ثمنا لمشاهدتها في النرويج
ويظهر الشفق القطبي في بعض أحيانه على شكل أقواس أو تجعيدات جميلة، وأحيانا أخرى على شكل إشعاعات براقة تستمر للحظات أو ساعات أو ربما حتى الفجر، ومن النادر جدا أن يتشابه شفقان في زمانين أو مكانين إنما يأخذان نمطا متقاربا من الأشكال وربما الحركات أيضا، إذ إن الشفق ليس ثابتا إنما متمايل بحسب شدة الجسيمات المشحونة التي تتسبب بحدوثه.
ويظهر العرض الشفقي عادة بعيد غروب الشمس، حيث يحتل الأفق الشمالي قوس شفاف يستمر حتى نصف ساعة ثم يبدأ بالتحرك عاليا في السماء آخذا باللمعان أكثر كلما ارتفع، ويبدأ خلفه قوس آخر جديد بالتكون منفصلا عن سابقه، وهكذا، وبينما تأخذ هذه الأقواس بالارتفاع تتولد بينها انثناءات وحلقات تصبح لامعة في ما بعد، ثم بعد وقت طويل أو قصير يبدأ الشفق بالتلاشي.
ويتخذ الشفق القطبي شكلين أساسيين، هما الشكل الشريطي والشكل الغيمي، وعادة ما يبدأ العرض الشفقي في
السماء بشكله الشريطي بطول عدة مئات من الكيلومترات، وبعرض عدة آلاف من الكيلومترات شرقا وغربا، حيث يظهر ذلك
واضحا عند مقارنته بخلفية النجوم التي تظهر صغيرة مقارنة بمساحته العظيمة، أما سماكته فتصل عدة مئات من الأمتار فقط.
ويظهر الشفق القطبي بألوان مختلفة يغلب عليها الأخضر والأحمر والبنفسجي والأصفر، أما بقية الألوان فهي مزيج من الألوان
الأساسية، فالأكسجين مسؤول عن اللونين الأخضر والأحمر في حين أن النيتروجين مسؤول عن اللونين الأزرق والأحمر
القاني، ويعتمد ظهور اللون باختلاف ارتفاع ذراته في طبقات الغلاف الجوي العليا.
ولمعرفة كيف يحدث الشفق القطبي علينا أن نعرف ماذا يحدث على سطح الشمس، وماذا يحدث حول الأرض وكيف يتفاعلان
معا.
الشمس
تتكون الشمس من ثلاث طبقات، الطبقة الضوئية (Photosphere) واللونية (Chromosphere) والإكليل (Corona)، فخلال أوج
النشاط الشمسي في دورته كل 11 سنة (كان أوجها في عام 2013 ) تكثر على سطح الشمس ما تعرف بالبقع الشمسية وتتواجد في الطبقة الضوئية، وهي العلامة الواضحة للنشاط الشمسي.
وهذه البقع هي اضطرابات في المجال المغناطيسي للشمس تظهر دائما في مجموعات تعيش ساعات أو أيام أو ربما شهرا كاملا، ويرافق البقع الشمسية ما تعرف بالنتوءات الشمسية وهي انفجارات على سطح الشمس في أقصاها ترتفع حتى مسافة نصف مليون كيلومتر عن سطح الشمس وترى خلال الكسوف الكلي للشمس أو من وراء عدسات التلسكوبات الشمسية المتخصصة برصد الشمس، وتعتبر جزءا من الطبقة اللونية.
غير أن كلا من الصياخد أو ما تعرف بالتأججات الشمسية والكتل الإكليلية المقذوفة تعد أشد قوة وانفجارا من النتوءات وتظهر
بلونها الأبيض قريبة من البقع الشمسية، حيث تمتلك الواحدة منها طاقة تعادل مليوني مليار طن من مادة “تي إن تي”
المتفجرة، وإذا ما شوهدت أثناء الكسوف الشمسي فإنها ترتفع فوق سطح الشمس لكنها نادرا ما ترى، إذ إنها لا تعيش أكثر
من دقائق.
والصياخد مسؤولة عن إرسال الأشعة السينية وأشعة غاما والأشعة المرئية، بالإضافة إلى شلالات من البروتونات والإلكترونات
ذات الطاقات العالية جدا التي تتدفق كل ثانية باتجاه المجموعة الشمسية.
وفوق الطبقة اللونية التي تمتد نحو عشرة آلاف كيلومتر يأتي الإكليل الشمسي الذي يمتد عشرة أضعاف قطر الشمس إلى
الخارج، وهو عبارة عن الذرات الفردية المرشوقة من سطح الشمس إلى أعلى.
وبينما تسير هذه الجسيمات باتجاه الخارج فإن الإكليل يحتل حجما أكبر وأكبر ويصبح أقل كثافة، ونتيجة لذلك فإن إضاءته تخف
إلى أن تتلاشى كليا، وهذا لا يعني أن الجسيمات المشحونة قد توقفت عن المسير، بل إنها تمتد حتى تغمر الكواكب الداخلية والمشتري وزحل وربما تصل بلوتو، وعندها تأخذ اسما جديدا هو الرياح الشمسية.
وتتغذى الرياح الشمسية بشكل رئيسي من الصياخد بحيث تتكون من البروتونات والإلكترونات ذات الطاقات العالية، وتصل درجة حرارة الإكليل نحو مليوني درجة مئوية.
ولأن الأرض تملك مجالا مغناطيسيا قويا فإنها تحاط بسبب ذلك بشبكة من خطوط المجال المغناطيسي التي تجبر هذه
الجسيمات التي تحملها الرياح الشمسية على أن تسلك طريقا نحو القطبين المغناطيسيين الشمالي والجنوبي ليحدث
التفاعل بينها وبين عوالق الأكسجين والنيتروجين على ارتفاعات بين مئة وخمسمئة كيلومتر فلا تصل الأرض أبدا.
وبدلا من ذلك تظهر هذه العروض السماوية الخلابة ذات الألوان المختلفة والتي يحرص الزائرون إلى البلدان الإسكندنافية
وألاسكا وشمال كندا على أن يخرجوا بعيد غروب الشمس للاستمتاع برؤيتها على الرغم من برودة الطقس في فصل الشتاء
وفصلي الخريف والربيع حين تكون الشمس لا تزال متربعة فوق النصف الجنوبي من الكرة الأرضية.